فصل: صفة التعزير:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: موسوعة الفقه الإسلامي



.حكم التعزير:

التعزير يكون على كل معصية لا حد فيها ولا قصاص ولا كفارة.
ويقام بحسب اجتهاد الإمام بما يحقق المصلحة، ويدفع المفسدة، سواء كان على ترك الطاعات، أو على فعل المحرمات، وسواء كان حقاً لله كاستمتاع لا حد فيه، وسرقة لا قطع فيها، أو كان حقاً للآدمي كجناية لا قود فيها، لكن ما ورد به النص من التعزير فلابد من تنفيذه، ومن ارتكب جناية لا حد فيها، ثم جاء تائباً نادماً فإنه لا يعزر.
1- قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ ثُمَّ تَابُوا مِنْ بَعْدِهَا وَآمَنُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ [153]} [الأعراف: 153].
2- وَعَنْ عَبْدِالله بْنِ عَمْرُو رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «مُرُوا أَوْلاَدَكُمْ بالصَّلاَةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعِ سِنِينَ وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرٍ وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي المَضَاجِعِ». أخرجه أبو داود والترمذي.
3- وَعَنْ أَبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «ضَالَّةُ الإبلِ المَكْتُومَةُ غَرَامَتُهَا وَمِثلُهَا مَعَهَا». أخرجه أبو داود.
4- وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ رَجُلاً أصَابَ مِنِ امْرَأةٍ قُبْلَةً، فَأتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَأخْبَرَهُ فَأنْزَلَ اللهُ: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} فَقَالَ الرَّجُلُ: يَا رَسُولَ الله، ألِي هَذَا؟ قال: «لِجَمِيعِ أمَّتِي كُلِّهِمْ». متفق عليه.

.حكمة مشروعية التعزير:

شرع الله عز وجل عقوبات مقدرة لا يزاد عليها ولا يُنقص منها، على جميع الجرائم المخلة بمقومات الأمة من حفظ الدين، والنفس، والعِرض، والعقل، والمال.
وشَرع من أجل حِفظ ذلك عقوبات وحدوداً زاجرة لتنعم الأمة بالأمن والطمأنينة.
ولهذه الحدود شروط وضوابط قد لا يثبت بعضها، فتتحول العقوبة من عقوبة محددة إلى عقوبة غير محددة يراها الإمام، تحقق المصلحة، وتدرأ المفسدة، وهي التعزير.

.أقسام التعزير:

التعزير ينقسم إلى قسمين:
الأول: تعزير التأديب والتربية، كتأديب الوالد لولده، وتأديب الزوج لزوجته، وتأديب السيد لعبده، وتأديب المعلم لتلاميذه، فهذا لا يجوز أن يزيد على عشرة أسواط.
عَنْ أبِي بُرْدَةَ الأنْصَارِيَّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قال: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «لا تَجْلِدُوا فَوْقَ عَشْرَةِ أسْوَاطٍ إِلا فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ الله». متفق عليه.
الثاني: تعزير على المعاصي، إما ترك واجب، أو فعل محرم.
فهذا تجوز فيه الزيادة للحاكم بحسب المصلحة والحاجة، وبحسب حجم المعصية وفحشها، وقلتها وكثرتها وضررها، وليس لها حد معين.
لكن إن كانت المعصية في عقوبتها مقدرة من الشارع كالزنا والسرقة ونحوهما، فلا يبلغ بالتعزير الحد المقدر، وإن لم تكن مقدرة اجتهد الحاكم في عقوبة تحقق المصلحة وتدفع المفسدة عن العباد والبلاد.

.شروط وجوب التعزير:

من ارتكب جناية ليس لها حد مقدر في الشرع فيعزر، ويشترط العقل فقط لوجوب التعزير، فيعزر كل إنسان عاقل، ذكراً كان أو أنثى، مسلماً كان أو كافراً، بالغاً أو صبياً عاقلاً، لأن هؤلاء غير الصبي من أهل العقوبة، أما الصبي فيعزر تأديباً لا عقوبة بما يصلحه.
فكل من ارتكب منكراً أو آذى غيره بغير حق بقول أو فعل أو إشارة فللإمام تعزيره بما يصلحه ويردع غيره.

.صفة التعزير:

التعزير حق واجب لله تعالى إذا رآه الإمام؛ لأنه زاجر عن المعاصي.
فإن تعلق به حق لآدمي وجب على الإمام إقامته؛ لأن حقوق العباد ليس للحاكم إسقاطها إلا عند العفو، وإن كان حقاً لله تعالى فهو موكول إلى اجتهاد الإمام، إن ظهرت له المصلحة أقامه، وإن ظهر له عدم المصلحة تركه.
1- عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله! أَصَبْتُ حَدّاً فَأَقِمْهُ عَلَيَّ، قَالَ: وَحَضَرَتِ الصَّلاَةُ فَصَلَّى مَعَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا قَضَى الصَّلاَةَ قَالَ: يَا رَسُولَ الله! إِنِّي أَصَبْتُ حَدّاً فَأَقِمْ فِيَّ كِتَابَ الله، قَالَ: «هَل حَضَرْتَ الصَّلاَةَ مَعَنَا؟». قَالَ: نَعَمْ قَالَ: «قَدْ غُفِرَ لَكَ». متفق عليه.
2- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ أثْقَلَ صَلاةٍ عَلَى المُنَافِقِينَ صَلاةُ العِشَاءِ وَصَلاةُ الفَجْرِ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِيهِمَا لأتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا، وَلَقَدْ هَمَمْتُ أنْ آمُرَ بِالصَّلاةِ فَتُقَامَ، ثُمَّ آمُرَ رَجُلاً فَيُصَلِّيَ بِالنَّاسِ، ثُمَّ أنْطَلِقَ مَعِي بِرِجَالٍ مَعَهُمْ حُزَمٌ مِنْ حَطَبٍ، إِلَى قَوْمٍ لا يَشْهَدُونَ الصَّلاةَ، فَأُحَرِّقَ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ بِالنَّارِ». متفق عليه.

.أنواع العقوبات التعزيرية:

التعزير عقوبة تختلف باختلاف الناس، واختلاف المعصية، واختلاف الزمان، واختلاف المكان.
والعقوبات التعزيرية أنواع منها:
1- ما يتعلق بالجاه كالتوبيخ، والتشهير، والعزل عن المنصب.
2- ما يتعلق بتقييد الإرادة كالحبس والنفي.
3- ما يتعلق بالأموال كالإتلاف والغرامة ومنع التصرف.
4- ما يتعلق بالأبدان كالقيد والجلد والقتل.
5- ما يتعلق بالأبدان والأموال كجلد السارق من غير حرز مع إضعاف الغُرْم عليه.
والتعزير يكون بحسب المصلحة، وعلى قدر الجريمة، ولكل شخص تعزير يؤدبه ويردعه.
ويجوز التعزير بالقتل إذا لم تندفع المفسدة إلا به، مثل قَتْل المفرِّق لجماعة المسلمين، والداعي إلى غير الكتاب والسنة، والداعي للبدعة، والجاسوس مسلماً كان أو كافراً.
عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأكْوَعِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: أتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَيْنٌ مِنَ المُشْرِكِينَ وَهُوَ فِي سَفَرٍ، فَجَلَسَ عِنْدَ أصْحَابِهِ يَتَحَدَّثُ، ثُمَّ انْفَتَلَ، فَقال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «اطْلُبُوهُ وَاقْتُلُوهُ». فَقَتَلَهُ فَنَفَّلَهُ سَلَبَهُ. متفق عليه.

.اختيار العقوبة التعزيرية:

التعزير مجموعة من العقوبات تختلف باختلاف الأشخاص، وجنس المعصية، وحجمها، وتكرارها.
وهي على وجه العموم تبدأ بالنصح، والوعظ، والهجر، والتوبيخ، والتهديد، والإنذار، والعزل عن العمل، والتشهير، والغرامة، والنفي ونحو ذلك.
وتنتهي بأشد العقوبات كالحبس والجلد، وقد تصل إلى حد القتل إذا رأى الإمام ذلك كأصحاب الجرائم الخطيرة.

.مقدار عقوبة التعزير:

عقوبة التعزير غير مقدرة.
وللحاكم أن يختار العقوبة التي تناسب الجاني وحجم الجناية، بشرط ألا تخرج عما أمر الله به، أو نهى الله عنه، وذلك يختلف باختلاف الأشخاص والجرائم والأماكن والأزمان.
ولا حد لأقل التعزير، ولا لأكثر التعزير، بل هو مفوَّض إلى رأي الحاكم حسب المصلحة، وحسب حجم الجريمة.
لكن ما ورد به النص من التعزير يجب تنفيذه، ولا خيار للحاكم فيه كتحريق رحل الغال، وكتم الضالة ونحوهما.

.أسباب التعزير:

أسباب التعزير كثيرة، يجمعها فِعل كل معصية لا حد فيها ولا قصاص ولا كفارة.
وأسباب التعزير نوعان:
1- أسباب التعزير على فعل المحرمات.
كالجناية التي لا قود فيها.. والسرقة التي لا قطع فيها.. واستمتاع محرم لا حد فيه.. والغصب والانتهاب والاختلاس.. وبيع المحرمات كالخمور والمخدرات ونحوهما.. والرشوة.. وشهادة الزور.. وتزوير الأوراق والصكوك والوثائق والتوقيعات ونحوها.. وإتيان المرأة المرأة.. والقذف بغير الزنا واللواط كقوله: ياحمار يا كلب ونحوهما.. ولعب الميسر والقمار.. ومشاهدة وتداول الأشرطة والأفلام الخبيثة ونحو ذلك من منكرات الأقوال والأفعال والأخلاق.
2- أسباب التعزير على ترك الواجبات.
كالإخلال بالواجبات الشرعية.. والتهاون في أداء الصلاة.. وتأخير الصلاة المفروضة عن وقتها.. وعدم سداد الغني الدَّين.. وترك الأمر بالمعروف.. وترك النهي عن المنكر.. وحلق اللحى.. وعدم طاعة الوالدين.. وعدم طاعة الزوجة لزوجها ونحو ذلك.

.من يملك حق التعزير:

التعزير كالحدود والقصاص منوط بالإمام أو نائبه، وليس لأحد حق التعزير إلا لمن له ولاية التأديب مطلقاً كالأب.. والزوج.. والسيد.. والحاكم.. والمعلم.
فالأب له تأديب ولده الصغير، وتعزيره للتعلم والتخلق بأحسن الأخلاق، وزجره عن سيئها، وأمره بالصلاة، وضربه عند الحاجة، والأم كالأب في أثناء الحضانة.
وللزوج تأديب زوجته وتعزيرها في أمر النشوز وأداء حق الله تعالى كإقامة الصلاة، وأداء الصيام، والبعد عن المحرمات، أداء لواجب القوامة عليها، ونصحاً لها.
والسيد يعزر رقيقه في حق نفسه وفي حق الله تعالى مِنْ تركِ واجب، أو فِعل محرم.
والمعلم يؤدب تلاميذه بما يصلح أحوالهم، ويحسِّن أخلاقهم.
1- قال الله تعالى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا [34]} [النساء: 34].
2- وَعَنِ عَبْدَالله بن عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، الإمَامُ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أهْلِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالمَرْأةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا وَمَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا، وَالخَادِمُ رَاعٍ فِي مَالِ سَيِّدِهِ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ». قال: وَحَسِبْتُ أنْ قَدْ قال: «وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي مَالِ أبِيه وَمَسْئولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ». متفق عليه.

.الأحوال التي يشرع فيها الحبس:

يشرع الحبس فيما يلي:
1- حبس الجاني لغَيْبة المجني عليه حفظاً لمحل القصاص.
2- حبس الممتنع عن دفع الحق إلجاءً إليه.
3- حبس الآبق سَنَة رجاء أن يُعرف صاحبه.
4- حبس من أشكل أمره في العسر واليسر ليتبين أمره.
5- حسب الجاني تعزيراً وردعاً عن المعاصي.
6- حبس من أقر بمجهول حتى يعيِّنه.
7- حبس من امتنع من التصرف الواجب في حقوق العباد كحبس من أسلم وتحته أختان، أو امرأة وابنتها، وامتنع من تعيين واحدة، ونحو ذلك من الحالات التي فيها حفظ الحقوق.
1- عَنْ عَمْرِو بْنِ الشَّرِيدِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَيُّ الوَاجِدِ يُحِلُّ عِرْضَهُ وَعُقُوبَتَهُ». أخرجه أبو داود والنسائي.
2- وَعَنْ بَهْزِ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ أبيهِ عَنْ جَدِه أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم حَبَسَ رَجُلاً فِي تُهْمَةٍ ثمَّ خَلَّى عَنْهُ. أخرجه الترمذي والنسائي.


.أقسام العقوبات المالية:

تنقسم العقوبات المالية إلى ثلاثة أقسام:
الإتلاف.. والتغيير.. والتمليك.
1- الإتلاف: كإتلاف محل المنكرات، كتكسير الأصنام وتحريقها، وتحطيم آلات اللهو، وتكسير وإحراق وإراقة أوعية الخمر، وإتلاف البضاعة المغشوشة من أي نوع.
وهذا التعزير يقوم به الإمام؛ لأنه يحتاج إلى قوة وسلطة.
2- التغيير: ويكون بتغيير صورة الشيء المحرم.
كقطع رأس التمثال حتى يكون كالشجرة، وقطع الستر الذي فيه صورة ليكون وسائد توطأ، وفك آلات اللهو وما يستعمل في محرم لاستعماله في مباح بعد تغيير صورته.
وهذا التعزير يقوم به الإمام أو نائبه.
3- التمليك: كمن سرق من التمر المعلق، عليه جلدات نكال، وغُرْمه مرتين، ومن سرق من الماشية قبل أن تُؤوى إلى المراح، عليه جلدات نكال، وغُرْمه مرتين، ومصادرة الأموال المأخوذة من كسب غير مشروع، ويصرفها الإمام فيما فيه مصلحة.
وهذا التعزير يقوم به الإمام أو نائبه.
1- عَنْ عَبْدِالله رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: دَخَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَكَّةَ يَوْمَ الفَتْحِ، وَحَوْلَ البَيْتِ سِتُّونَ وَثَلاثُ مِائَةِ نُصُبٍ، فَجَعَلَ يَطْعُنُهَا بِعُودٍ فِي يَدِهِ وَيَقُولُ: «جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ». {جَاءَ الْحَقُّ وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ [49]}. متفق عليه.
2- وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قالتْ: دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم وَقَدْ سَتَرْتُ سَهْوَةً لِي بِقِرَامٍ فِيهِ تَمَاثِيلُ، فَلَمّا رَآهُ هَتَكَهُ وَتَلَوّنَ وَجْهُهُ وَقَالَ: «يَا عَائِشَةُ أَشَدّ النّاسِ عَذَاباً عِنْد الله يَوْمَ القيَامَةِ، الّذِينَ يُضَاهُونَ بِخَلقِ الله». قَالَتْ عَائِشَةُ: فَقَطَعْنَاهُ فَجَعَلنَا مِنْهُ وِسَادَةً أَوْ وِسَادَتَيْنِ. متفق عليه.


.طرق إثبات جرائم التعزير:

تثبت الجريمة الموجبة للتعزير بواحد مما يلي:
الإقرار... أو البينة.
فالإقرار أن يقر على نفسه بالجناية والمعصية.
والبينة أن يشهد عليه رجلان عدلان، وتُقبل فيه شهادة النساء مع الرجال.

.حكم من مات في التعزير:

إذا عزر الإمام أحداً أو حَدَّه فمات بسبب التعزير أو الحد فلا ضمان عليه؛ لأن التعزير عقوبة مشروعة للردع والزجر والتأديب فلم يضمن مَنْ تلف بها كالحد، ولأن الإمام مأذون له في التعزير، وما ترتب على المأذون فليس بمضمون، لكن بشرط عدم التعدي.

.صفة الجلد في التعزير:

أشد الجلد جلد التعزير، ثم يليه جلد الزنا، ثم يليه جلد السكر، ثم يليه جلد القذف.
فالتعزير أشد الضرب؛ لأنه جرى فيه التخفيف من حيث العدد، فلا يخفف من حيث الوصف، وذلك لئلا يؤدي إلى فوات المقصود منه وهو التأديب والردع والزجر.

.الباب التاسع عشر: كتاب القضاء:

ويشتمل على ما يلي:
1- معنى القضاء وحكمه.
2- فضل القضاء.
3- خطر القضاء.
4- أحكام القضاء.
5- صفة الدعوى.
6- صفة الحكم.
7- طرق إثبات الدعوى.
1- الإقرار.
2- الشهادة.
3- اليمين.
8- الأيمان.
1- معنى اليمين وحكمها.
2- أقسام اليمين.
3- أحكام اليمين.
9- النذر.
1- معنى النذر وحكمه.
2- أقسام النذر.
3- أحكام النذر.

كتاب القضاء:

.1- معنى القضاء وحكمه:

القضاء: هو تبيين الحكم الشرعي الذي يفصل الخصومة، والإلزام به.
وسمي القضاء حكماً؛ لما فيه من الإحكام، ولما فيه من الحكمة لكونه يكف الظالم عن ظلمه.

.حكم القضاء:

القضاء فرض كفاية، إذا قام به من يكفي سقط الإثم عن الباقين.
ولمّا كان الظلم متأصلاً في النفس البشرية، فلابد من حاكم يُنصف المظلوم من الظالم.
لذا يجب على إمام المسلمين أن ينصب للناس قاضياً أو أكثر في كل إقليم أو بلد، حسب الحاجة، لفصل الخصومات، وإقامة الحدود، والحكم بالحق والعدل بين الناس.
1- قال الله تعالى: {يَادَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ [26]} [ص: 26].
2- وقال الله تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا [105]} [النساء: 105].
3- وقال الله تعالى: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ [49]} [المائدة: 49].
4- وَعَنْ عَمْرِو بْنِ العَاصِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إِذَا حَكَمَ الحَاكِمُ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أصَابَ فَلَهُ أجْرَانِ، وَإِذَا حَكَمَ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أخْطَأ فَلَهُ أجْرٌ». متفق عليه.